1ـ ومما دار الحديث حوله في مجلسه دام علاه هو استعارة الكتب، وحكمها وأقوال العلماء والأدباء فيها نثراً ونظماً.

فذكرتُ أنّي وجدت في ظهر كتاب مخطوط حديثاً مرسلاً عن أحد المعصومين عليهم السلام يقول: ‹‹ انّ زكاة الكتاب إعارته›› .

2ـ فقال السيد الحسني عمّه الباري بالحسنات: ومما يؤثر من نوادر الشعر والنثر في استعارة الكتب:

ماجاء في ديوان أبي المجد محمد رضا النجفي الأصفهاني ما نصه:

كتب لشيخنا الشيخ علي آل كاشف الغطاء مستعيراً كتاب الجاسوس على القاموس وهو من تأليف أحمد فارس الشدياق الأديب اللبناني الشهير، قوله:

يا من بِفيض أكُفّهِ وعلومه                                     أغنى الورى طُرّاً عن القاموس

ما في فؤادي غير حبّك قاطن                                  فابعث إذا كذّبت بالجاسوس

 

3ـ ومن الظرائف المأثورة قول بعضهم:

ألا يا مستعير الكتب منّي                                       فإنّ إعارتي للكتب عارُ

ومحبوبي من الدنيا كتابٌ                                      وهل أبصرتُ محبوباً يعارُ

 

وقال بعضهم: من أعار الكتاب فهو أحمق، وأكثر حمقاً منه من يردّهُ .

 

4ـ وبمناسبة كلمة الإعارة ـ والشيءُ بالشيء يذكر ـ قال القائل:

إذا رام عاشقها نظرة                                            ولم يستطعها فمن لُطفها

أعارته طرفاً رآها به                                           فكان البصير بها طرفها

 

5ـ وجرى عند السيد الحسني أحسن الله إليه: ذكرالمتصدّين للبحث الفقهي، في العقود المتأخرة ، ممن لا يحققون أسانيد الأحاديث التي يُستند إليها في فقه الشريعة ، بل جلّ اعتمادهم على الكتب المتأخرة في علم الرجال متابعة !

فقلت له: إن اجتهاد هؤلاء غير محقق ، بل محقق العدم ، لأنّ البتّ في أحوال الرجال هو من أهم مقدّمات الاجتهاد، لتوقّفه على إحراز حجّية الأحاديث، وإذا كان الشخص مقلّدا في هذه المقدمة الهامة ، وبما أن النتيجة تابعة لأخَسّ  المقدّمتين ـ كما يقول المناطقة ـ فالمتصدون هؤلاء هم مقلّدون وليسوا مجتهدين بالقطع.

فأيد السيّد هذا ، وانشد لأحدهم:

لا تخطبنّ سوى كريمة معشر                                 فالعرق دساسٌ من الجهتين

أو ما ترى أن النتيجة دائماً                                    تبع الأخسّ من المقدّمتين

 

6ـ ودار الحديث مع السيد الحسني أحسن الله جزاءه حول استخدام (الكمپیوتر) في المسائل العلمية، فقال: إن اعتماده والاقتصار عليه غير لائق بالعلماء، ولا يُغني عن الكتاب، وحفظه،  وذكر هذين البيتين.

علمي معي اينما يمّمتُ يتبَعني                       صدري وعاءُ له لا بطن صندوق

إن كنتُ في البيت كان العلمُ فيه معي               أو كنت في السوق كان العلم في السوق

 

وقال: هما لأحد القدماء، ثم قال: والکمپیوتر هو صندوق أيضاً.

7ـ وذكر السيّد حفظه الله : أنّ الاسم (نُمَيّ) الذي ينتسب إليه السادة (أل أبي نُمَيّ) المدنيُّون ، قد شاع غلطاً بـ (نُما ) أو يرسم (نُمَى ) أو (نَما )بينما هو (نُمَيّ) بضم النون وفتح الميم وآخره الياء المثناة آخر الحروف وهي مشدّدة ، قال السيد أحمد العطار الحسني البغدادي (ت 1215 هـ ) وهو في ديوانه .

نَماهم إلى المختار جدّهم أبو                                   نُمَيّ  ومنه المكرمات توارثوا

 

 مما أملاه السيّد الحسني دام إحسانه من اللطائف والظرائف:

أن الشيخ طه ياسين المعروف بالبزّون الهنداوي (من منطقة الهندية المعروفة اليوم: طويريج) زار السيد جودت القزويني في داره الواقعة في الكرادة الشرقية في بغداد، ولمّا جلسوا على المائدة في حديقة الدار، اقترب قطٌّ منهم (والقطّ يدعى بالعامية الدارجة العراقية : البزّون) قال السيد الحسني: فأردت أن أنبّه السيد جودت على ابعاده من المكان فقلت: يا سيد جودت اطرد البَزّو ... ثم استدركت وقلت: القطّ! فضحك الشيخ طه وقال: تحاشيت ذكر البزّون لكون لقبيّ (البزّون )... وكان الأمر كما قال.

9ـ ونقل السيد الحسني أحسن الله إليه: عن السيد هاشم الحلي آل كمال الدين ـ وهو أخ السيد جعفر الحلّي الشهير ـ أنه كان إماماً في مسجد في الحلّة وكان يدعو الجمهور للحضور ترغيباً في الصلاة جماعة وفي ذات يوم أهدى إليه أحد المصلّين عدداً من الديكة ، وكان في المصلين أحد إخوته وكان أديباً شاعراً ظريفاً ، فقال للسيد هاشم مرتجلاً:

بودّي أن أصلي كلّ يومٍ                                        وراءك في العشيّ وفي الغداةِ

ولكن ليس لي في البيت ديكٌ                                  ينبّهني لأوقات الصلاةِ

فوهب له السيد هاشم ديكاً ، وأجابه مرتجلاً أيضاً:

أتاك الديك يا زين المعاني                                     فخذه وما أراك إليّ آتي

أترغب في الصلاة وذا عجيبٌ                                ولكن أنت ترغب في الصِلاتِ

 

والحمدلله ربّ العالمين

دوشنبه ۷ خرداد ۱۳۸۶ ساعت ۱۱:۵۰