26ـ ذكر السيد الحسني دام إحسانه :

إن (قصر ابن هُبَيرة ) يقع في مدينة المسيّب، موضحاً لموقع هذه المدينة وأنها قرب كربلاء .

وقال : إن الشيخ على قسام من علماء المسيّب ألف كتاب (السِفر المطيّب في تاريخ المسيّب) مطبوع.

فقلتُ له من باب المطايبة: هي المدينة التي يقول فيها الشاعر الشعبي: (على جِسْرِ المسيّبْ سَيّيُونيْ) فضحك السيد، وحدثنا بمايلي:

إن الشيخ المُلا عباس البغدادي الشاعر المعروف بـ (القُوزي) كان خطيباً شهيراً ، وسمعت أنه استدل في بعض مجالسه  بحديث الثقلين المعروف (كتاب الله وعترتي) واستنتج أن الطريق الوحيد للنجاة هو التمسك بالقرآن والعترة ، وهذا هو مذهب الشيعة ، ثم تمثل ببيت من أغنية كانت سائرة في العراق ذلك اليوم، ويعرفه العوام، فقرأها الشيخ بنغمتها الغنائيّة ، وقال:

(كِلِ الشرايعْ زَلَكْ مِنْ صُوبنا العبرة).

وصدره : (يابورْدين الحَمَرْ إمچكك بِاءِبْرهْ) فتعجّب الحاضرون من ذلك.

 

27ـ ولما ثم حديث السيد الحسني، ذكرت حديثاً ذكره لي شيخنا العلامة المحقق المرحوم السيد محمد صادق بحر العلوم (ت 1399 هـ ) وهو:

إن وفداً  رفيعاً من أدباء مصر والقاهرة ، زاروا النجف الأشرف، وصادف دخولهم ليلة عاشوراء ، حيث مواكب العزاء متوالية في الطرقات متجهة إلى مقام الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام.

فوقفوا على موكبٍ يضم مجموعة من رجال الدين (المعممين) من طلاب العلم في النجف ، وهم يرددون في هتافاتهم: (واحسينٌ ، واحسينٌ ، واحسينا) فتعجبوا من ذلك حيث أن اللازم نصب كلمة واحسين ، لأنه من المنادى المندوب، وحقه النصب لا الرفع.

بعد ذلك الموقف زاروا سماحة الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ، ولما استقربهم المجلس، ودارت الأحاديث ، عرضوا على الشيخ المشهد الذي وقفوا عليه، وأبدوا استغرابهم من الخطأِ النحوي ذلك الذي سمعوه من طلاب العلوم الدينيه وهم يدرسون في النجف المعروفة بالعلم والمكتظة بنوادي الأدب!

فأجابهم الشيخ كاشف الغطاء ، بقوله:

إن الحوزة العلمية في النجف تستقطب الطُلاب من الجاليات المسلمة من كل البلاد الإسلامية وغيرها ففيهم من الهند والپاكستان وافغانستان وإيران وأفريقيا، مضافاً إلى أهل القرى والأرياف من العراق وغيره من البلاد العربية، فلو ظهرت على ألسنتهم مثل ذلك فمن الممكن التغاضي عنه, لكن الغريب أن يصدر مثل ذلك منكم وأنتم تدعون الريادة للعربية ، ومصر أرض الكنانة، محط اللغة العربية ، ومجمعها، وجامعتها.

فاندهش المصريون ، وتساءلوا : عما حدث لهم؟ وما هو الخطأُ الذي صدر منهم؟!

فقال الشيخ: إن المغني الشهير عبدالحليم حافظ يقول في أغنيته: (في البحر لم جئتكم في البرجئتوني) فأدخل حرف (لم) الجازمة على الفعل الماضي و هذا مما لا يصح أبداً ، وهو غلط واضح.

فتعجب المصريون من ملاحظة الشيخ واستغربوا من متابعة الإمام الشيخ كاشف الغطاء حتى للأغنية و رقابته على ما يصدرُ من مصر، ورعايته للغة العربية.

وأذعنوا له بكل ذلك.

 

28ـ ثم ذكر السيد الحسني نفعنا الله بإحسانه:

دخل أبو نواس على الأمين العباسي، فقال له الخليفة:

أنشدني أبياتا تحتوي على ما يُلفظ ولا يكتب !

وهدده إنْ لم يفعل!! فارتجل أبو نؤاس قوله:

ولقد قلتُ للمليحة قُولي                                من بعيدٍ لمن يُحبكِ (مُچْ مُچ(

وما بين القوسين هو صوت القُبلة.

فأشارت بمعصمٍ ثم قالت                              من بعيدٍ خلاف قولي (نُچْ نُچْ)

وما بين القوسين هو صوت الامتناع والرفض.

فتأملتُ ساعةً ثم إني                                   قلتُ للبغل عند ذلك ( چُچ چُچْ )

وما بين القوسين هو صوت زجر البغل ليتحرك ويمشي.

 

29ـ وقد حضر معنا هذه الأملية وبعض الأمالي الأخر : السيد الجليل عدنان ابن السيد عباس الموسوي البطاط الجزائري حفظه الله ، وكنا نذكر بعض الكتب التي وعدت السيد الحسني بها، فقال السيد عدنان: (وإذا حضر القسمة ...) .

ففهمتُ منه انه يرغب في تلك الكتب أيضاً ، لكنه استعان بالآية ، وأدى مراده بذلك، فكشف عن ذوقٍ رائق، مع أدب جم، وحرْمة وكرامة.

سه شنبه ۷ فروردين ۱۳۸۶ ساعت ۱۲:۳۰