حدثني فضيلة السيّد الحسني حفظه الله:

أن الشيخ المصلح الإمام محمد الحسين كاشف الغطاء رضوان الله عليه (ت 1373هـ ) كتب في بعض بحوثه مقالاً بعنوان (محاسن الغرب ومساويه).

فاعترض عليه العلامة المسيحي الأب أنستاس ماري الكرملي البغدادي ، صاحب مجلة (لغة العرب البغدادية)، وكتب : إن الصواب أن ترسم الكلمة هكذا : (مساوئهُ).

فأجابه الشيخ بما معناه: (يا أنستاس! إن رسم كلمة (مساويه) هو كما كتبناه ولكنّ عين السخط تبدي المساويا).

فاستشهد الشيخ بعجز بيت لعبدالله بن معاوية بن عبدالله بن جعفر الهاشمي، وهو من قوله:

رأيت حُصْينا كان شيئاً مُلَفّفاً

                                         فأظهره التمحيص حتّى بدا ليا

وعينُ الرضا عن كلّ عيبٍ كليلةٌ

                                         ولكنّ عين السخط تبدى المساويا

فأشار الشيخ إلى أن العرب قد تُسهّل الهمزة.

 

2ـ وأضاف السيّد الحسني حفظه الله :

وقد ورد في قصّة الخليفة الرشيد العباسي، مع زوجته زبيدة ـ وهي بنت جعفر بن المنصور ، لمّا اعترضت على تقديمه للمأمون ـ و أمة جارية ـ على ابنه الأمين ـ وهي أمه وهي عبّاسيّة؟

فقال لها الرشيد : فلنختبرهما! فأحضرهما ، وسأل الأمين : ما هو جمع (مسواك) ؟ فقال: (مساويك) .

ثم سأل المامون؟ فأجاب: (عكس محاسنك).

 

3ـ وللعلامة المصلح الإمام السيّد هبة الدين الشهرستاني (ت 1386 هـ) في هذا الراهب النصراني ، قوله:

لكلّ شيء في الورى آفةٌ

                                                وآفة العُرب أنستاسُ

نقله السيد الحسني عن الشهرستاني مشافهةً .

وفي ذكر (العرب) إشارةٌ إلى مجلته (لغة العرب).

 

4ـ وعلى ذكر السيّد هبة الدين، انطلق السيد الحسني أحسن الله إليه في إملاء ذكرياته معه، وقد صحبه منذ أن كان في عمر الصغار، وله معه ذكريات وأحاديث ، منها:

أن خادماً كانت تقوم بالأمور في بيت السيّد هبة الدين، تدعى: (مهْ لِقا) وهي عجوز شهربة، فنظم السيّد الحسني فيها قوله:

(مه لقا) اسمٌ على غير المسمّى

                                         واعتقادي انّ من سَمّاكِ أعمى

فقال السيد الشهرستاني: (أنا سميّتها من باب التطايب). وكان الشهرستاني قد أضرّ في السنوات الأخيره من عمره.

وأضاف الحسني: إنه كان عند نظمه الشعر المذكور في عمر الثانية عشرة!

 

5ـ وعن نباهة السيّد الشهرستاني و نبوغه المبكّر، تحدث السيد الحسني أتم الله إحسانه إليه ،فقال: إن السيد الشهرستاني كان في عمر الخامسة، وكان يصطحبه أبوه العالم المقدس السيد حسين المعروف بالعابد ، ويأخذه معه إلى مجلس الإمام المجدد الشيرازي الحسيني رضوان الله عليه في سامراء، وكان رجلٌ يقوم بالخدمة في مجلس السيد الشيرازي، يسمّى (بدراً) .

فاعترض بدرٌ على حضور الشهرستاني الصغير، في المجلس المنعقد للكبار، فأجابه السيّد الشهرستاني على البداهة ، متمثلاً:

ثلاثة يُذهبن عن قلبي الحزنْ

                                                الماء والخضراء والوجهُ الحَسَنْ

وأشار إلى السيّد الحسن الإمام المجدد، عند قوله : (الوجه الحسن).

فقال السيد الشيرازي : (بَه بَهْ) (وهذا تعبير عن الاستحسان)  وأمر للصبي بكسوةٍ، و أجْرى له المشاهرة الجارية للطلّاب.

قال السيد الحسني: حدثني السيد الشهرستاني بهذا مباشرة ، ومشافهة.

أقول: وهذا بدلً على نبوغ الشهرستاني منذ الصغر، رحمه الله ورضي عنه وأرضاه.

 

6ـ وأنشد السيد الحسني للشهرستاني قوله:

قالوا إنّ الإله ذو ولدٍ                                 قالوا إن الرسول قد كَهنا

ما نجا الله والرسول معاً                      من لسان الورى، فكيف أنا

نقله عنه مشافهةً.

والحمدالله أولا وآخراً ، وصلى الله على سيدنا محمد و آله

 

سه شنبه ۱۵ اسفند ۱۳۸۵ ساعت ۱۵:۰۷